سياسة

زيادة راتب رئيس الجمهورية خطوة استفزازية أم تجاوز على حقوق الأغلبية

Published

on

في قرار مثير للجدل قرر رئيس الجمهورية العراقي عبد اللطيف رشيد زيادة راتبه إلى سبعة وعشرين مليونًا ونصف المليون دينار شهريًا وسط أوضاع اقتصادية صعبة تمر بها البلاد وقد جاء هذا القرار في وقت تعاني فيه المحافظات الوسطى والجنوبية التي تمثل العمق الشيعي من تراجع في الخدمات وتأخر المشاريع وانعدام العدالة في توزيع الثروات مما يجعل هذه الخطوة بمثابة استفزاز واضح لمشاعر الملايين من أبناء الشعب العراقي الذين يعانون الفقر والبطالة.

النائبة حنان الفتلاوي وجهت سؤالًا برلمانيًا إلى رئيس الجمهورية حول السند القانوني الذي اعتمد عليه في هذه الزيادة معتبرة أن هذا القرار يمثل تجاوزًا على الدستور الذي ينص على أن تحديد رواتب الرئاسات الثلاث يتم عبر البرلمان وليس بقرار فردي هذه الخطوة تأتي في سياق أوسع من محاولات الرئاسة الكردية للاستئثار بالمناصب والامتيازات دون أي اعتبار لحجم التضحيات التي قدمتها المكونات الأخرى وعلى رأسها المكون الشيعي الذي حافظ على وحدة العراق وتحمل العبء الأكبر في مواجهة الإرهاب وإعادة بناء الدولة.

إن هذه الزيادة التي جاءت في وقت تعاني فيه أغلب المحافظات الشيعية من أزمة البطالة ونقص الخدمات وانهيار البنية التحتية تكشف عن الفجوة بين الطبقة السياسية الحاكمة وبين معاناة الشعب فبينما يعاني الفقراء من ارتفاع الأسعار وانخفاض مستوى المعيشة يأتي هذا القرار ليؤكد أن الامتيازات الخاصة بالمناصب العليا لا تزال تحظى بالأولوية على حساب حاجات المواطنين الذين دفعوا ثمن استقرار البلاد من دمائهم وأموالهم.

ليس غريبًا أن تكون هذه الزيادة مرتبطة بأجندات سياسية داخلية تسعى من خلالها الرئاسة الكردية إلى فرض أمر واقع في ظل الخلافات المستمرة مع الحكومة المركزية حول ملفات النفط والموازنة والسيطرة على الموارد المالية إن توقيت هذا القرار يطرح تساؤلات حول ما إذا كان يمثل محاولة للضغط على بغداد من أجل تحقيق مكاسب إضافية للإقليم خاصة أنه تزامن مع أزمة تأخير رواتب الموظفين في كردستان مما يثير الشكوك حول استغلال النفوذ في الرئاسة العراقية لخدمة المصالح الكردية.

لا يمكن فصل هذا القرار عن المعركة السياسية التي تخوضها القوى الشيعية لاستعادة التوازن داخل الدولة العراقية فقد بات واضحًا أن هناك مساعٍ للالتفاف على دور الأغلبية الشيعية التي قدمت التضحيات الكبرى من أجل بناء العراق بينما تستمر بعض الأطراف في الاستئثار بالمناصب والامتيازات بعيدًا عن أي استحقاق دستوري أو قانوني.

القوى الشيعية التي تمثل الغالبية في البرلمان لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه التجاوزات إذ من المتوقع أن نشهد تحركات برلمانية لإيقاف هذه الخطوة وإعادة النظر في الرواتب والمخصصات الخاصة بالرئاسات الثلاث بما يضمن توزيعًا أكثر عدالة للموارد فلا يمكن القبول بأن يعيش الملايين من أبناء الجنوب والوسط تحت خط الفقر بينما ترتفع رواتب المسؤولين دون مبرر قانوني أو دستوري.

السؤال الأهم الذي يطرحه الشارع الشيعي اليوم هو إلى متى ستظل الامتيازات مفتوحة أمام بعض الأطراف بينما يتحمل أبناء الجنوب والوسط العبء الأكبر في إدارة الدولة وبناء مؤسساتها ولماذا تصر بعض القوى على التعامل مع العراق كأنه غنيمة مقسمة بين فئات محددة دون مراعاة العدالة أو الاستحقاق الشعبي.

هذه القضية ليست مجرد مسألة مالية بل هي جزء من معركة أوسع لإعادة التوازن داخل النظام السياسي العراقي وإذا لم يتم التصدي لهذه الخطوات فإنها ستكون سابقة خطيرة تسمح باستمرار استغلال المناصب لتحقيق مكاسب فئوية ضيقة على حساب الشعب العراقي الذي يستحق قيادة أكثر عدالة ومسؤولية.

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر رواجا

Exit mobile version