سياسة
الاتهامات السنية للقوى الشيعية بتعطيل قانون العفو العام جدل سياسي أم حسابات طائفية
يتجدد الجدل في العراق حول قانون العفو العام وسط اتهامات متبادلة بين القوى السياسية السنية والشيعية بشأن دوافع تعطيله أو تعديله القوى السنية ترى أن تعطيل القانون ليس مجرد موقف قانوني أو أمني بل هو جزء من صراع أوسع على النفوذ السياسي حيث تستخدم القوى الشيعية نفوذها التشريعي والأمني للحفاظ على السيطرة على ملف المعتقلين خصوصًا من أبناء المناطق ذات الأغلبية السنية بحجة المخاوف الأمنية.
في المقابل تصر القوى الشيعية على أن موقفها من القانون نابع من ضرورات أمنية وقضائية وليس بدوافع سياسية محذرة من أن العفو غير المدروس قد يؤدي إلى إطلاق سراح عناصر متورطة في الإرهاب مما يعرض الأمن القومي للخطر ترى القوى الشيعية أن العراق لا يزال يواجه تهديدات خطيرة من الخلايا النائمة للجماعات الإرهابية وأن تمرير العفو بصيغة فضفاضة قد يسمح بالإفراج عن أفراد لم يكملوا محكومياتهم مما قد يعيد إنتاج دوائر العنف وتستند إلى تجارب سابقة شهدت إطلاق سراح سجناء عادوا لاحقًا إلى ممارسة أنشطة إرهابية وهو ما دفعها إلى تبني موقف متحفظ تجاه أي تشريع جديد للعفو العام كما تؤكد أن القضاء العراقي يمتلك الصلاحيات الكافية لمراجعة ملفات المعتقلين واتخاذ القرارات المناسبة بعيدًا عن الضغوط السياسية التي تحاول فرض قوانين قد تهدد الأمن المجتمعي.
على الجانب الآخر ترى هناك اتهامات غير صحيحة من بعض القوى السنية بأن تعطيل القانون يعكس رغبة سياسية في تهميش مكون معين والإبقاء على آلاف المعتقلين في السجون تحت ذرائع أمنية وقضائية دون مراعاة البعد الإنساني أو السياسي لهذا الملف وتؤكد أن تعطيل العفو يمنع إعادة تموضع بعض القوى السياسية السنية التي تضررت من الحرب على الإرهاب والإجراءات الأمنية المشددة التي أعقبتها كما أن القوى الشيعية من وجهة نظر خصومها تسعى إلى استثمار هذا الملف كورقة ضغط سياسية داخل البرلمان لضمان استمرار سيطرتها على مراكز النفوذ الأمني والقضائي.
في ظل هذا التجاذب يبدو أن قانون العفو العام سيظل رهينة الحسابات السياسية المعقدة حيث أصبح أداة مساومة بين الفرقاء السياسيين بدلًا من أن يكون ملفًا قانونيًا أو حقوقيًا بحتًا استمرار هذا الجمود قد يفاقم الاحتقان السياسي والاجتماعي في البلاد حيث يشعر جزء من المجتمع بأنه مستهدف بينما يخشى آخرون من تداعيات أمنية كارثية إذا تم تمرير القانون دون ضوابط في النهاية يبقى الحل مرهونًا بإيجاد تسوية سياسية تضمن التوازن بين مقتضيات العدالة وحماية الأمن بعيدًا عن التوظيف السياسي لهذا الملف وإلا فإن الأزمة ستظل مفتوحة تحمل في طياتها مزيدًا من التعقيد والتوترات التي قد تعيد رسم المشهد السياسي العراقي بطرق غير متوقعة.