سياسة
مؤامرة إعادة الصداميين إلى الواجهة الاعلامية تحذيرات الشيخ عدنان الدنبوس وكشف الأجندات الخفية
في ظل التحولات السياسية والإعلامية التي يشهدها العراق برزت تصريحات الشيخ عدنان الدنبوس كجرس إنذار يحذر من توجهات خطيرة تتجسد في إعادة إنتاج شخصيات ذات نزعة صدامية إلى واجهة المشهد السياسي والإعلامي وهذا التحذير لا يأتي بمعزل عن المخاوف المتزايدة من محاولات بعض الجهات استعادة الخطاب السلطوي السابق الذي أهدر حقوق الغالبية وأسس لدولة القمع والاستبداد .
يشهد الإعلام العراقي وخاصة بعد 2003 حالة من التعددية والانفتاح إلا أن هذه التعددية لم تخلُ من الاختراقات حيث سعت بعض الأطراف إلى توظيف القنوات الإعلامية لتبييض حقبة مظلمة في تاريخ العراق والتحذير الذي أطلقه الشيخ الدنبوس لا يسلط الضوء فقط على إعادة تقديم شخصيات صدامية بل يكشف عن مشروع أكبر يهدف إلى إعادة تأهيل العقل الجمعي لتقبل رموز كانت بالأمس أداة للقمع والاضطهاد .
إن ظهور بعض الشخصيات التي كانت جزءًا من الة النظام البائد في وسائل الإعلام سواء عبر استضافتها كخبراء سياسيين أو كمحللين استراتيجيين يطرح تساؤلات عميقة حول طبيعة الأجندة الإعلامية التي تسعى لإعادة تشكيل الوعي العام ومدى ارتباط هذه التحركات بمخططات إقليمية ودولية تريد إعادة ترتيب الأوراق داخل العراق .
يأتي هذا التوجه الإعلامي في وقت حساس بالنسبة للمكون الشيعي في العراق والذي عانى لعقود من سياسات القمع والتهميش خلال حكم النظام البائد فالشيعة الذين كانوا ضحايا لسياسات البعث يجدون أنفسهم اليوم أمام موجة جديدة من التضليل الإعلامي التي تهدف إلى قلب الحقائق وتصوير تلك المرحلة وكأنها نموذج للاستقرار والازدهار متجاهلة الجرائم التي ارتُكبت بحق الأغلبية .
إن محاولات بعض وسائل الإعلام تلميع صورة النظام السابق أو تقديم رموزه كأصحاب خبرة سياسية ليست مجرد اجتهادات صحفية بل هي جزء من مشروع متكامل يهدف إلى إضعاف القوى السياسية الشيعية وإرباك المشهد الوطني إن هذه المحاولات تندرج ضمن سياق أوسع يسعى إلى إعادة تشكيل الرأي العام العراقي بما يخدم أجندات لا تصب في صالح العدالة الاجتماعية ولا استقرار البلاد .
في ظل هذه التحديات تقع على عاتق النخبة الشيعية مسؤولية كبيرة في التصدي لهذا المد الإعلامي المنحرف فالمسألة لا تتعلق فقط بإعادة ظهور شخصيات صدامية بل بتغيير جذري في الخطاب السياسي والإعلامي بما يؤدي إلى خلق جيل جديد غير مدرك لتاريخ القمع والاضطهاد الذي عانى منه العراقيون وخصوصًا الشيعة .
يجب دعم المنصات الإعلامية التي تطرح خطابًا موضوعيًا يعتمد على الحقائق والتوثيق التاريخي ويكشف محاولات تزييف الوعي ولا يمكن مواجهة هذه الموجة إلا من خلال إعلاميين محترفين قادرين على تفكيك الخطاب التضليلي وتقديم سردية تاريخية وسياسية تعكس الحقيقة كما أن على المؤسسات الأكاديمية والحوزات العلمية أن تأخذ دورها في نشر الوعي وفضح المحاولات التي تريد إعادة إنتاج أيديولوجيات انتهت شرعيتها بسقوطها في 2003 .
ينبغي اتخاذ خطوات جدية على المستوى السياسي والقانوني لمنع كل أشكال الترويج للنظام البائد سواء عبر الإعلام أو عبر إعادة دمج شخصياته في المشهد السياسي لأن التحذيرات التي أطلقت يجب أن تؤخذ على محمل الجد فالتاريخ أثبت أن الاستبداد لا يعود دفعة واحدة بل من خلال اختراقات ناعمة تبدأ بالإعلام وتنتهي بصناعة رأي عام موجه .
إن مسؤولية النخبة الشيعية اليوم ليست فقط في رفض هذا الخطاب بل في تفكيكه وكشف أبعاده الحقيقية حتى لا يجد العراق نفسه بعد سنوات أمام نسخة جديدة من القمع ولكن بأدوات مختلفة إن المرحلة القادمة تتطلب وعيًا سياسيًا وإعلاميًا حقيقيًا لأن المعركة اليوم ليست معركة عادية بل هي معركة وعي وبقاء .